أنك لا تنتهى .. ولا ترحل
طالما أن لديك قصة جيدة ولديك إنساناً ترويها له، حتى ولو لم يصدقها أحد .
الموسيقى هي سر الله في الأرض ، فيها تتلاقى الأروح ، وتتوحد الميول والأهواء ، فيها تُترجم عظمة الخالق ، وبديع صنعه ، فهي ترافق حياتنا عبر مراحلها المختلفة ، تكون معنا في أوقات فرحنا وحزننا ، تساهمنا السراء والضراء ، تكون الرفيق الحق بلا أدنى شكوى ، فتسمو بذوقنا إلى عنان السماء وتخاطب أدق تفاصيل حياتنا.
أجمل الأشياء هي تلك التي تتخذ الفن موضوع لها ، ولا يوجد أعظم من فن الموسيقى الخالد ، عبر تاريخ البشر كله، كانت هي الشريك الرئيس في بهجتنا ، كانت هي الوسيلة المثلى للعبادة فالنفس زهرة لينة في مهب ريح التقادير .. نسيمات الصباح تهزها .. وقطرات الندى تلوي عنقها .. كذا تغريدة عصفور تنبه إنسان من غفلته .. فيصغي .. ويشعر .. ويمجّد معه الحكمة مبدعة نغمة الطائر العذبة وشعوره الرقيق .. وتهيّج تلك التغريدة قوى فكرته .. فيسأل ذاته عما أسرّه لحن ذلك الطائر الصغير فحرّك أوتار عواطفه وأوحى إليه معاني ما حوتها كتب الأُلى تقدَّمَوه .. يسأل مستفهماً عما إذا كان العصفور يناجي زهور الحقل أم يحاك أغصان الأشجار أم يقلّد خرير مجاري المياه أم ينادم الطبيعة بأسرها! ... ولكنه لا يستطيع إلى الحصول على الجواب سبيل ، فيظل في فترات تأمله الطويلة ، ويخلص للنتيجة، وأن الموسيقى خُلقت للموسيقى ، للتذوق والإعجاب ، لتعلمنا الحب.
بكل معنى الكلمة فيلم عظيم ، عن الشغف ، الشغف اللي بينقذ الحياة ويجعل لها معنى ، و
أجمل بالموسيقى من شغف ، وأروع من معنى ، معنى الحياة التي تُفنى من أجلها.
فيلم عن أسطورة ،لأنه أسطوري ، فيلم عن خيال البشر ،ذلك الخيال الخلّاب البهيج ، الخيال القادر على مقاومة أعتى مشاكل الحياة ، نوعية الأفلام الصادمة ، الأفلام الأشبه بمعول ضخم يحطم ثلوج عقولنا ، فينقلنا إلى عالم موازي ، عالم تصرخ فيه صامتًا من فرط الجمال.
ببساطة : فيلم عن شخص أسطوري ، عاش عمره كله على سطح سفينة ، فاتخذ من الموسيقى ميناء لروحه ، يلجأ إليها ويداعبها ليصنع بها حياة كاملة تغنيه عن حياة البشر ، يخاطب الروح فتخاطبه بما هو أجمل، يهدي للموسيقى حياته فتهديه هي الخلود.
فيلم متكامل باستثناء (تيم روث) البراد من وجهة نظري (مبحبوش بصراحة) ، لكن تكامل الفيلم منقطع النظير من كتابة وإخراج وموسقى خالدة جعلت بروده لا يُلاحظ.
فيلم إخراج العظيم تورناتوري فكف بحق الله لا يكون عظيم ، تكامل مبدع واستخدام بديع للكاميرا.
وطبعًا موسيقى الفيلم للعظيم دائمًا وأبدًا موريكوني ، والذي لا تجد له مساهمة إلا وكانت خليقة بالتخليد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق