الأربعاء، 18 يناير 2017

Fire at Sea (2016) | Documentary


إنه واجب على كل إنسان ، إذا كنت انسان
مساعدة هؤلاء الناس
عندما ننجح نحن سعداء
مبتهجون
يمكننا مساعدتهم
أحيانا لسوء الحظ ، لا نتمكن من ذلك



المئات من النساء والأطفال
كانوا في حالة سيئة ، خصوصا من كان بالأسفل
كانوا في عرض البحر لسبعة أيام
مصابون بالجفاف
يعانون من سوء التغذية
منهكون
احضرت 68 منهم إلى غرفة الطوارئ
كانوا في حالة سيئة
هذا صبي صغير غطت الحروق جسده
كان صغيرا جدا ، 14 أو 15 على الأكثر
نرى الكثير من هذه الحالات
إنها حروق كيميائية ، بسبب الوقود
وضعوهم على متن قوارب مطاطية غير سليمة
ويملؤون العبوات بالوقود خلال الرحلة
ينسكب الوقود على الأرضية
ويختلط مع مياه البحر ، ثم تتبلل ملابسهم
وهذا الخليط الضار يسبب حروقا خطيرة جدا
وهي تستغرق وقتا طويلا
والكثير من العمل
ولسوء الحظ تترك علامات في الجسم
والتي قد تكون مميتة
إنه واجب على كل إنسان ، إذا كنت انسان
مساعدة هؤلاء الناس
عندما ننجح نحن سعداء
مبتهجون
يمكننا مساعدتهم
أحيانا لسوء الحظ ، لا نتمكن من ذلك
لذلك لا بد أن تشهد  أشياء فظيعة
... جثث موتى ، أطفال
في هذه الحالات
أجد نفسي مجبرا على فعل أشد ما أكره
فحص الجثث
لقد فعلت ذلك كثيرا ، ربما أكثر من اللازم
العديد من زملائي يقولون
"... لقد رأيت الكثير"
"لقد أصبحت معتادا على ذلك"
هذا ليس صحيحا
كيف يمكن أن تعتاد على رؤية الأطفال الموتى ، والنساء الحوامل
النساء اللاتي قد أنجبن في قوارب تغرق
الحبال السرية لا تزال متصلة
تضعهم في أكياس ، وتوابيت
عليك أن تأخذ عينات
عليك قطع إصبع أو ضلع
عليك قطع أذن طفل
حتى بعد الموت ، تستمر الإهانة والذل
ولكن لا بد من القيام به ، لذلك انفذه
كل هذا يجعلك غاضب جدا
مكونا فراغا في داخلك , فجوة
وهذا ما يجعلني أفكر كثيرا ، وأحلم بهم
أكرر عيش هذه الكوابيس
... كثيرا
كثيرا


تقييمي 
9/10
انا من فترة طويلة ما بكيت عشان فيلم 
بعد ما قفلته جلست افكر كثيرا يالله 


مقال من كتابة: فاطمة محمد توفيق

في واحدة من لقطات الفيلم نشاهد صفاً من البشر يتحركون في الظلام، يضع كلٌ منهم على كتفيه رداءاً ورقياً فاقع اللون ليبدو كل منهم وكأنه البطل الخارق (الرجل الوطواط) ولكنه ذهبي الرداء هذه المرة وليس أسوداً، ربما يلهيك لون أردية هؤلاء البشر ولمعتها عن تفصيلة مهمة تشي بالكثير وتصفه، وهي أن أغلبهم يتحركون حفاة الأقدام على الأرض الباردة، ليس لشيء إلا لأنهم قد تم إنقاذهم منذ قليل من أحد قوارب المهاجرين المطاطية الهاربة إلى أوروبا. هؤلاء هم أيضا أبطال خارقون، فما لاقوه من أهوال يصعب تخيلها يجعل وصولهم إلى هنا أمراً إعجازياً، وهنا تتجلى عظمة ما فعله (جيانفرانكو روزي) مخرج الفيلم الحائز على الدب الذهبي من مهرجان برلين في دورته الأخيرة، حيث وضع (روزي) هذه الأهوال _أو بالأحرى جزءاً منها_ أمام عدسة كاميرته وجعلك تنظر إليها. الفيلم هو وثيقة صنعها روزي ليواجه العالم بواحدة من أكثر الأزمات المخزية في تاريخنا المعاصر، أزمة المهاجرين.

بدأ روزي فيلمه بلقطات واسعة للبحر في وقت الفجر حيث نسمع أصوات استغاثة على موجات اللاسلكي من مراكب مهاجرين إلى القوات الحدودية في واحد من أكثر المشاهد السينيمائية كابوسية رغم أنك لا تشاهد فيه شيء سوى لقطات للبحر، ثم ينتقل روزي بكاميرته إلى سكان جزيرة لامبيدوزا وهم يبدأون بداية هادئة ليومهم بينما يستمعون إلى الإذاعة المحلية وهي تبث موجزا لأهم الأنباء يتضمن خبرا سريعاً عن عدد جثث المهاجرين التي تم انتشالها قرب سواحل جزيرتهم، ورغم القرب الجغرافي لمكان الحدث من هؤلاء السكان إلا أنه يبدو بعيداً تماماً عن حياتهم وهم في الأصل مواطنين بسطاء شهد بعض منهم على أهوال الحرب العالمية الثانية التي طالت جزيرتهم بينما انشغل أغلبهم بهموم حياتهم اليومية.

الشخصية الرئيسية التي اختارها روزي لتكون الأكثر حضورا أمام كاميرته هي لطفل صغير من سكان الجزيرة، صمويل، الطفل الذي يقضي معظم وقته يلهو «بنبلته» التي يجيد صنعها وإصابة أهدافه من الطيور بها. في البداية لا تجد رابطا قويا أو مهماً بين صمويل وبين أزمة المهاجرين سوى إقامته على نفس الجزيرة التي تواجه جزءا كبيرا من هذه الأزمة، ولكن مع الوقت يكتشف صمويل اصابته بالغمش، المرض المعروف بالاسم الدارج (العين الكسولة) حيث أن واحدة من عينيه لا يرى بها جيداً لذا يقوم بإغلاقها ويعتمد في نظره على عينه السليمة مما يجعل مجاله البصري غير كامل. في مقاربة يسهل ربطها برؤية سكان هذا العالم لأزمة المهاجرين، التي يتم غض الطرف عنها. ليس فقط ذلك، بل إن صمويل يعاني أيضاً من صعوبة في التنفس يفسرها بانها حساسية لديه من الأجسام الخارجية، ولكن عندما يقوم بالفحص الطبي يخبره الطبيب بأن ما يعاني منه ليس حساسية وإنما مجرد قلق، في مقاربة أيضاً يسهل ربطها بسكان أوروبا. بعيداً عن هذه المقاربات التي يسهل تفسيرها يمكن للمشاهد النظر لصمويل وهو يمارس طقوس حياته العادية (من اللعب أو المشي متأملا أوالقيام بواجبه المدرسي) والتفكير كيف سيكون مستقبل هذا الفتى، كيف سيكون مستقبل هذا العالم أمام فتى عادي من أسرة بسيطة من الطبقة العاملة في أوروبا، في ظل واقع خارج حدود إدراكه، واقع متراكم يزداد حدة وسوءاً مع الأيام وهو لا يملك أدنى ذنب أومسؤولية تجاهه، يلعب صمويل وهو ينظر باتجاه البحر، ولكنه لا يرى تلك المراكب العسكرية الضخمة الموجودة فيه لإنقاذ المهاجرين، يُلقِي ملاحظات على الطقس ولا يعلم مدى أثرها على قوارب المهاجرين بالقرب منه، يحاول التماسك أثناء وجوده في قارب والده حتى يقاوم الخوف ودوران البحر الذي يصيبه دائماً، نفس دوران البحر الذي يصيب المهاجرين بالإضافة إلى الجفاف والحروق وكل الظروف غير الإنسانية التي يواجهونها في عرض البحر بدون أدنى مساعدة.

علاج عين صمويل، أو علاج العين الكسولة عامة هو تغطية العين السليمة والنظر فقط من خلال العين المصابة، ليزيد اعتماد المخ عليها وبالتالي تزيد قوة الإبصار بها، نتابع صمويل في مراحل علاجه، والصعوبات التي يمر بها وهو غير معتاد عليها، لنشاهد رحلة البشرية كلها في مواجهة ما لاتريد ومحاولة علاجه، انعكست المشكلة على حياة صمويل فتوقف عن اللعب بالنبلة وإصابة الطيور بها كما اعتاد لأنه لا يستطيع تحديد الهدف بعينه المصابة هذه، فتغير شكل جولاته، بدلاً من البحث عن الطيور لإصابتها أصبحت بهدف البحث عن الطيور وتأملها فقط والجلوس بجوارها كالجلوس بجوار صديق قديم. بدلاً من جولاته التي كانت تقتصر فقط على السير في أرض الجزيرة، أصبح يركب المراكب ويتعلم قيادتها ويجلس على حافة الميناء المتحركة من تحته ليكسر حاجز الخوف لديه.

يقول جيانفرانكو روزي أن كل هذه الأحداث والمقاربات في حياة الطفل لم يكن يقصدها ولم تحدث عن عمد أو اتفاق مسبق، كل ما فعله هو تتبع حياة ذلك الطفل لمدة عام ونصف العام، وإذا به يجد أن في حياة ذلك الطفل من الأمور الشخصية ما ينعكس بشكل مباشر على القضية الكبيرة التي يصور من أجلها الفيلم. حتى المشهد الذي تم فيه ذكر اسم الفيلم، يقول روزي أنه كان قد انتهى من التصوير وسلّم الفيلم إلى لجنة مهرجان برلين إلا أنه لم ينقطع عن تصوير الفيلم، وكان قد استقر على عنوان الفيلم المأخوذ من عنوان أغنية محلية تم غناؤها أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، وإذ به يفاجأ أيضاً بأن جدة صمويل تتحدث عن الأغنية بدون أن يطلب منها أحدٌ ذلك، مما سبب مفاجأة لصمويل ولروزي.

أبطال الفيلم بجوار صمويل والمهاجرين هم سكان الجزيرة، إذاعتهم المحلية التي تبث لهم الأخبار والأغنيات على مدار اليوم، ودكتور بارتولو الذي أوحى للمخرج بأن يقوم بصناعة فيلم عن جزيرة لامبيدوزا التي استقبلت مايقارب من النصف مليون من المهاجرين وشهدت على الكثير من مآسيهم ، بارتولو الذي شارك جيانفرانكو روزي تكريمه في مهرجان برلين وفي كل المحافل الإعلامية هو الذي يستقبل المهاجرين فور وصولهم إلى الجزيرة ليقيّم حالتهم الصحية، يفحص الأحياء والأموات في مهمة امتدت لأعوام طويلة تركت في روحه ثقباً وغضباً وكوابيساً لا يستطيع تجنبها. بارتولو هو مرحلة الانتقال الأخيرة بين المهاجرين وحلم الوصول لأوروبا، بارتولو هو المنطقة الوسط بين الحياة الهادئة لسكان الجزيرة والرحلة العاصفة التي يمر بها المهاجرين.

انتقال الكاميرا لإظهار هذا التناقض بين حياة السكان وحياة المهاجرين والذي وجه البعض بسببه الانتقادات إلى جيانفرانكو روزي في إظهاره عدم تأثر حياة السكان بأزمة المهاجرين، في رأيي هذا الانتقال كان ذكياً ولا يستحق الانتقادت الموجهة إليه، فهو أولاً ينقل حقيقة الأمر، تعامل أغلب البشر مع المصائب التي لا يجدونها تخصهم كمجرد أرقام يسمعونها في نشرات الأخبار، يتوقفون عند الخبر قليلاً أو كثيراً، يتعاطفون معه، ثم لا تلبث الحياة أن تدفعهم دفعاً للاستمرار فيها بشكلها العادي، ثانياً انتقال الكاميرا لإظهار التناقض بين الحياتين يبرز ما يسعى إليه هؤلاء المهاجرين، هم لا يطلبون أكثر من حياة بسيطة هادئة يستطيعون فيها كسب رزقهم، تربية أبنائهم، تناول وجبات ساخنة في بيوت نظيفة ينعمون فيها ببعض الهدوء والسلام بعيداً عن الحرب والقتل والإهانة وظروف المعيشة الصعبة التي واجهوها، سكان الجزيرة نفسهم قد عانوا من الأهوال ما عانوا أثناء الحرب أو بعدها، أو حتى أثناء محاولاتهم لاكتساب رزقهم حتى الآن من البحر وسط تقلب ظروف المناخ، إلا أنه في النهاية استقرت حياتهم، استقرت بالشكل الهادئ البسيط الذي لا يوجد فيه أي ترف أو رفاهية سوى تلك الموسيقى التي تبث من الإذاعة وكوب قهوة يحتسونه بين حين وآخر.

من الملاحظات المهمة في الفيلم أنه لا يوجد تعليق صوتي، لا توجد جملة واحدة يوجهها جيانفرانكو روزي إليك، هو يتركك كمشاهد تشاهد وفقط، تشاهد الحقيقة، تشاهد التناقضات، تشاهد الموت بعينيك، ليصنع فيلماً يثقل روحك ويعلق بها ويترك فيك أثراً لا يُمحى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Unfrosted 2024