الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

حوار المنتزه


من رائعة غاس فان سانت Good Will Hunting 
.
واحد من أجمل الحوارات التي مرت بالسينما , و ألقت سلامها عليها , تجسيد بديع من مات ديمن و بن أفليك لذلك الهاجس الذي لطالما يراودني – و ربما يراود الكثيرين – عن الفارق الحقيقي بين المعرفة و التجربة , بين أن تعرف عن الشيء و بين أن تعيشه , بين ما تقدمه لنا العبقرية و ما تقدمه لنا خبرة الحياة , بين أن تقرأ كل ما كتب عن الموناليزا , و بين أن تقف أمامها ..
.







عن هذا النص نال صديقا الطفولة و الشباب و النجومية مات ديمن و بن أفليك جائزة أوسكار أفضل سيناريو أصلي عام 1997 , و عن هذا الفيلم نال الرائع روبن ويليامز جائزة أفضل ممثل مساعد في واحدٍ من أفضل الأداءات المساعدة خلال التسعينيات , مشهد للذكرى .
.
( لذا إذا سألتك عن الفن , يمكن أن تعطيني موجزاً عن كل كتب الفن التي كتبت منذ الأزل , مايكل أنجلو , تعرف الكثير عنه , أعماله , تطلعاته السياسية , علاقته مع البابا , ميوله الجنسية , كل شيء . صحيح ؟ لكنك لن تستطيع أن تخبرني عن رائحة كنيسة السيستين , أنت في الواقع لم تقف هناك و تشاهد ذلك السقف الرائع , أرأيت ؟
.
و إذا سألتك عن النساء , قد تضع لي مخططاً منهجياً حول المفضل لديك , و ربما واعدت بعضهن , لكنك لن تستطيع أن تخبرني عن الإستيقاظ إلى جوار إمرأة و أنت سعيدٌ بحق , أنت طفلٌ جلف , ويل.
.
أسألك عن الحرب , قد تقذف بشكسبير في وجهي ( once more unto the breach dear friends ) , لكنك لم يسبق أن كنت إلى جوار واحدٍ منهم , أنت لم تضع رأس أعز أصدقاءك في حجرك , و تراقبه يلفظ أنفاسه الأخيرة طالباً مساعدتك .
.
و أسألك عن الحب , قد تقتبس لي قصيدة شعرية , لكنك لم يسبق أن نظرت لإمرأة بإحساسٍ كامل , و أنت تعلم أنها أسرتك بعينيها , و كأنما وضع الله ملاكاً على الأرض من أجلك , يمكن أن ينقذك من أعماق الجحيم , دون أن تعلم كيف يمكن لك أن تكون ملاكها , و أن تقدم لها حبك , و أن تكون إلى جوارها للأبد , رغم كل شيء , رغم السرطان , أنت لا تعلم شيئاً عن النوم واقفاً في غرفة المستشفى لشهرين محتضناً يدها , لأن الأطباء يمكن أن يروا في عينيك بأن شروط ( أوقات الزيارة ) لا تُطبّق عليك , أنت لا تعلم عن الخسارة الحقيقية , التي تحدث عندما تفقد شيئاً تحبه أكثر مما تحب نفسك , و أشك في أنك قد تجرأت على أن تحب شخصاً بذلك القدر .
.
أنظر إليك و لا أرى شخصاً واثقاً و ذكياً , أرى شخصاً مغروراً , لكنك عبقري يا ويل , لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك , لا يمكن لأحد أن يفهم أعماقك , أنت تفترض أنك عرفت كل شيء عني من مشاهدتك لوحةً لي , و أنك مزقت حياتي إرباً بذلك , أنت يتيم , أليس كذلك ؟ هل تعتقد بأنني أعرف كم كانت حياتك صعبة ؟ , و كيف تشعر ؟ , و من أنت ؟ , لأنني قرأت أوليفر تويست ؟!! هل ذلك يختزلك ؟! شخصياً .. لا أعطي أهميةً لذلك , أتدري لماذا ؟ لأنني لا أستطيع تعلم شيء منك , لا أستطيع أن أقرأ في بعض الكتب , مالم ترغب أنت في الحديث عن نفسك , و من تكون ) ..
.
أن تحفظ هذا الحوار شيء , و أن تعبر عنه و عن كل مكنوناته كما يجب و بكل هذه الكمية من الشجن و الأسى شيءٌ آخر , مشهد من مجموعة مشاهد تختزل القيمة الأدائية التي نثرها علينا الرجل على مدار ثلاثة عقود ..
.
RIP Robin Williams




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق