الاثنين، 29 يونيو 2015

"الأرض شر، ولا ينبغى أن نحزن عليها"

على إيقاع لحن (تريستيان و ايزولد) الجنائزى لفاجنر، بيبدأ (فون ترير) فيلمه بتتابعات صامتة مبعثرة بحركة بطيئة جداً لدرجة توحى بالتجمد، بتقدم ملخص لأحداث الفيلم لاحقاً، فبنشوف بطلة الفيلم (جاستين) واقفة كتمثال شاحبة حزينة و طيور ميتة بتتساقط فى الخلفية، (كلير) مع ابنها بتحاول بصعوبة الوصول لمكان ما (منزلها)، حصان بينهار ساقطاً على الأرض، كوكب بيقترب من الأرض، (جاستين) فى فستان زفاف مستلقية على الماء، وفى اللقطة الأخيرة الكوكب بيصدم بالأرض، مشهد بيستمر لـ 8 دقايق تقريباً، عبارة عن لوحات ساحرة مرسومة، بتشكل تحفة فنية.
بيبدأ الفصل الأول للفيلم بوصول العروسين (جاستين) و(مايكل) لبيت أختها (كلير) واللى فيه بيقام حفل زفافهم، وفيه هنتعرف على شخصية (جاستين) المضطربة بتصرفاتها الغريبة، فمرة بتسيب الحفلة وبتخرج تهيم فى ملعب الجولف وبتتبول، ومرة تانية بتغيب فى أوضة ابن أختها، ومرة تتأخر فى الحمام، ومرة بتمارس الجنس مع موظف الشركة فى ملعب الجولف. (جاستين) عايشة وسط محيط (شرير)، أم حادة أنانية، أب سكير لعوب، رب عمل مستعبد حقير. وبما إنها صاحبة ميول إكتئابية، فكل العوامل دى هتقودها للإكتئاب الشديد - فى الفصل التانى - ومن ثم للتبلد وللامبالاة تجاه خطر الكوكب وفكرة الفناء.
الفصل التانى محوره (كلير)، وهتظهر - على عكس الفصل الأول - مضطربة قلقة وخائفة بسبب الأنباء عن وصول كوكب بيهدد الأرض بالإصطدام بيها، زوجها بيحاول يطمنها بإن الكوكب هيمر ومش هيصطدم بالأرض. (كلير) هتستضيف أختها (جاستين) بعد ما وصلت لأقصى درجات الإكتئاب، هناك (جاستين) هتعبر عن لامبالاتها تجاه فكرة الفناء، وهتشوف فى ده خلاصها من معاناتها وسط المجتمع الشرير، (كلير) متشبثة أكتر بالحياة، على الأقل علشان ابنها اللى كانت تأمل إنه يكتشف المراحل اللاحقة من الحياة، ومع تسليمها بحتمية الفناء هتحاول تقنع نفسها بوجود حياة بعد الموت ولكن أختها (جاستين) هتقنعها بثقتها إنهم لوحدهم (مفيش إله) وإن دى النهاية ومفيش حياة تانية.
مع التيقن بحدوث الإصطدام وإنه مفيش مفر منه، هينتحر زوج (كلير) بحبوب كانت جهزتها (كلير) لإنتحارها، وهتوصل (كلير) لحالة من الإنهيار التام، وهتستسلم فى النهاية. هيجتمع ثلاثتهم فى الغابة فى انتظار مصيرهم المحتوم، وهينتهى الفيلم باصطدام الكوكب بالأرض فى مشهد جحيمى مروع.
(ميلانخوليا)، الأبوكاليبس من وجهة نظر (فون ترير)، دراسة لسيكولوجية شخصيات معذبة، حزينة، قلقة، مكتئبة فى مواجهة الفناء.




Ahmed Elsadany

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق