الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

Biutiful (2010) | Drama


This is the story of Uxbal, a man living in this world, but able to see his death, which guides his every move.

Writers:

  (screenplay), (based on a story by), 2 more credits »

تقييمي 
8.5/10

ترجمة مهند الجندي عن إد غونزاليس.
وفقاً لكتيب فيلم (جميل) الإعلامي، يدعي المخرج اليخاندرو غونزاليس ايناريتو أنه قد اكتفى من “الحبكات المتعددة والسرد المتقطع والقصص المتداخلة”. بيد أنه تصريح مغلوط، وثمة شيء واحد لا يمكن إنكاره: هذا السينمائي المكسيكي لم يفقد شهيته تجاه المغالاة. ربما يكون مؤمناً بقوة خارقة قادرة على الانتقام، وهي وسيلة واحدة على الأقل لتفسر كيف أن كافة الشخصيات في هذا الفيلم، وليس فقط الرئيسة، مثقلة بمشاعر الذنب. العقاب الذي يستخدمه غونزاليس ايناريتو دائماً ما يشوه طبقة اجتماعية ما: فبإمكانه جعل ضاحية “روديو درايف” الأمريكية الشهيرة تبدو وكأنها مدينة جنوب أفريقية مليئة بالأكواخ، وهي الطريقة التي ينظر بها إلى برشلونة فعلياً في فيلمه الجديد هذا. تتحول هذه المدينة الإسبانية العالمية – الخفية بنظره – إلى أرضية لقصة رجل متدين اسمه أوكزابل (خافيير بارديم) يحاول أن يرتب حياته بعد اكتشاف إصابته بمرض السرطان. المشكلة لا تكمن بأن هذا العالم السفلي غير موجود في برشلونة بل أنه الجانب الوحيد الذي يثير اهتمام هذا السينمائي.
كما هي شخصية مات ديمن في فيلم (الآخرة) الغريب بصراحته وعاطفيته الواضحة للمخرج كلينت إيستوود، فإن شخصية أوكزابل التي يؤديها بارديم تستعين بها عائلات حزينة للتحدث معه حول أحبائهم الراحلين مؤخراً. إن تعلق غونزاليس ايناريتو المبسط على موهبة الممثل الحقيقية تغدو أكثر خيوط الفيلم الدرامية إثارة للاهتمام وأقلها حيوية، ومن خلال أداء بارديم الجسدي القوي، يحصل المشاهد على شعور مروع خالص حيال الطريقة التي أدت بها هذه المحادثات مع الموتى إلى المساهمة بتفاقم حالة السرطان في جسده. تتدلى مخلوقات مفزعة تشبه القمل من سقف غرفته لتعذبه بالموت الذي يبدو أنها ترمز إليه، بيد أنها لا تكتفي بالتعبير عن التكلف الزائد للمخرج وحسب. يوحي وجه بارديم المطارد بالأشباح بأن هذه المخلوقات هي بمثابة هلوسات لرجل يحتضر، ورسالة من حياة الآخرة التي تطالب حضوره، علماً أن سيماء وجهه لا تنكر تقبل شخصيته لفكرة الموت رغم الكآبة والغضب والخوف التي ترسم ملامحه.
من الغريب أن تكون أكثر وسائل الفيلم الفنية المعبرة عن الحزن هي أكثرها سكوناً أيضاً. قد يُبرر ذلك بأن بارديم يوائم رغبة المخرج: التجسيد المتحفظ لاضطراب أوكزابل الذي يقوم به هذا الممثل البارع يساعد هذا المخرج الموهوب المغرم بالمبالغة إلى التواضع قليلاً بأسلوبه. إن الفيلم في أفضل لحظاته هو نظرة تفكيرية حيال الموروث العاطفي والروحاني وهشاشة الجسد البشري بالإضافة لكونه نسخة شديدة البؤس عن فيلم (أن تحيا) للمخرج كوروساوا. إنها نسخة مشوشة، بيد أنها مؤثرة وواقعية في المشاهد التي تعرض أوكزابل وهو يحاول العناية بمستقبل أولاده ومساعدة زوجته المدمنة مارامبرا (مارسييل آلفريز) في تمالك نفسها. أما بأسوأ حالته فهو محشو زيادة عن اللزوم، ويسأل أسئلة كثيرة لا يمكنه الإجابة عنها، فهو مرهق بقصص ثانوية متفرقة لا تساعد في توضيح تجربة أوكزابل، بل فقط تزيد من توتر نظرة المخرج تجاه الحياة البشرية، مراراً وتكراراً، ألا وهي وأننا نموت بنفس الذنوب التي نعيش فيها.
في النهاية قد نسامحك إن ظننت أن الفيلم هو تعاون آخر بين اليخاندرو غونزاليس ايناريتو وغيوليرمو أرياغا. ومع أن رقصة أوكزابل البطيئة نحو الموت هي الخيط السردي المهيمن على المجريات، فإنها تتقاطع مراراً مع قصص لعمّال أفريقيين وآسيويين غير مصرحين، أولئك الذين يقوم أوكزابل بتفاوض نيابة عنهم مع الشرطة وأصحاب المحلات الاستغلالية حول حقوقهم. وما يثير الشك أيضاً هو أن اللغات الثلاث الناطق بها الفيلم مترجمة بثلاثة ألوان مختلفة، وليس الألوان التي يتوقعها المرء: الأبيض للإسبانية، الأزرق للصينية، والأصفر للسنغالية. إن هذا الخيار المخطئ والمثير للشفقة لا يعد خياراً بمساعي فنية؛ إنه نوع من التنازل للجمهور الذي يهاب قراءة الترجمة مما يقلل من قيمة ويهين القدرة الطبيعية للشخص العادي على ملاحظة الفوارق بين اللغات، حتى وإن كانت لا تنطق بنفس اللحظة. وعلى الرغم من أن هذه الخدعة التسويقية وجدت لإرسال رسالة مزدوجة (تشدد على الاختلاف الثقافي وتصرخ بنفس الوقت “ألوان علامة بينيتون التجارية المتحدة!”)، فهي خدعة ترافق كافة أعمال المخرج غونزاليس ايناريتو حتى الساعة حتماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق