الأحد، 19 أبريل 2020

شوية خواطر عن فيلم Stalker (1979) للمخرج الروسي أندريه تاركوفسكي:
من قبل ماتشوف الفيلم لازم تعرف إنه لما مخرجه الروسي اندريه تاركوفسكي سُئِل لماذا الفيلم بطئ وممل في البداية قال فيما معناه إنه عشان اللي يتفرج ويلاقي نفسه في الفيلم الغلط اللي مش مناسبه يلحق يمشي من دار العرض ولما سألوه طب ورأي الجمهور قال انا مهتم برأي اتنين من الجمهور بس: المخرج الفرنسي روبير بريسون والسويدي إنجمار برجمان وهما من أشهر مخرجي أوروبا في القرن العشرين وأفلامهما كانت من المفضلة لدى تاركوفسكي.
دا مش تعالي وتكبّر على الجمهور قد ما هو كلام صريح من مخرج متسق مع نفسه ومعتد بذاته وأفلامه ومش بيبص للفن على إنه سبوبة.... لو بتدور على تسلية فعنصر التسلية في الفيلم "صفر" حرفيا، أما لو بتدور على فيلم يثير التفكير والفلسفة والرمزية فالعنصر موجود بنسبة 150 % ....هل ستذهب في رحلة ما وتصل لنهاية تقليدية ولا لأ؟ الفيلم من وجهة نظري كان تحدي حقيقي للمشاهد ... هل هو قادر على التخلي عن عنصر التسلية لصالح فيلم بطئ ورمزي وفلسفي ولا هتزهق من اول ربع ساعة وتقفله وتدور على فيلم مسلي ومباشر من نوع "ما تراه هو ما يحدث حقا" ..هل قادر تجرب ما هو مختلف ومتفرد وغريب حقا ولا بتفضل اللي انتا متعود عليه ؟!Image may contain: one or more people, outdoor and water

بطل الفيلم يخرج من السجن ليعمل كمرشد أو Stalker (ومعنى الكلمة هنا ليس المعنى المتعارف عليه وهو من يتعقب الناس سرا) للناس الذين يريدون الذهاب لما يسمى بالـ Zone وهي منطقة غريبة نشأت بعد سقوط نيزك على الأرض لا تخضع لقوانين الفيزياء والطبيعة بل هي متغيرة وذات فكر وإرادة خاصين بها ...يستيقظ من النوم ليصطحب رجلين يريدان الذهاب إلى المنطقة المذكورة والدخول لغرفة داخلها تحقق الاحلام والرغبات ..الاول كاتب يبحث عن الإلهام وهدف من كتاباته والآخر عالم يسعى للحصول على جائزة نوبل بينما المرشد نفسه لا يسعى لأي هدف سوى تحقيق الناس لأمنياتها على شرط أن تكون رغبات وأمنيات خيّرة...
تاركوفسكي بيستخدم بكل حرفنة التصوير والألوان والتضاد الواضح ما بين المشاهد خارج الZone المصبوغة بلون أصفر باهت وبني داكن والمشاهد داخل الـ zone الهادئة الجميلة الملونة بألوان الطبيعة الخلابة الفاتنة الباعثة على الهدوء كأنه بيخليك رافض تغادر المنطقة الفضائية الغريبة وتعود لعالم البشر الصناعي البارد الكئيب جدا ...
اختلف كتير ممن كتبوا عن الفيلم حول ماهية الغرفة ... هل الغرفة تحقق لنا ما نريد حقا أم ما تريد هي لنا؟ هل رغباتنا دي ينفع تتحقق فعلا ولا لأ؟ هل هي تجسيد لرغباتنا الدفينة اللاواعية وبالتالي نتائج تحقيق تلك الرغبات ستختلف عما نريد ؟ هل الغرفة دي هي عقلنا الباطن واللاواعي أم تجسيد لملاذ وملجأ فكري وروحي يسعى إليه كل الناس ؟ وهل هي موجودة فعلا أم مجرد خيال في عقل الأبطال؟ مما يزيد الفيلم تعقيدا إن النهاية بتوضح عكس كل اللي الفيلم عرضه تماما وكأن تاركوفسكي يقول لا تثق بما اقتنعت به...
تأويلات وتفسيرات الفيلم ممكن نقعد نتكلم عليها لحد بعد بكرة في صفحات وصفحات لكن الفيلم زي الـ Zone بالضبط ذات الطبيعة المتغيّرة، كل شخص هيفسره بشكل مختلف .... ماقدرش اقول إني فهمت الفيلم بالكامل لأنه محتاج مشاهدات أخرى ويفجّر الدماغ من كثرة التفكير والاحتمالات ولا تكفيه مشاهدة واحدة لكني هاستعين بجملة قالها المرشد بطل الفيلم أثناء الرحلة بتلخص روح الفيلم:
“Our moods, our thoughts, our emotions, our feelings can bring about change here. And we are in no condition to comprehend them. Old traps vanish, new ones take their place; the old safe ones become impassable, and route can be either plain and easy, or impossibly confusing… everything that happens here depends on us, not on the Zone.”




Ziad Ibrahim

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق